قندهار رواية للمصري أحمد حسين صادره عن دار أوراق للنشر يمكن ان تختصر شعورك ورأيك وتقييمك تجاهه بكلمات عدة أقلها " رائعه" ، لم أكن أتصور أن أصاب بتلك الحالة من الجدل النفسى والتساؤل مع ارتياح وسعادة عقب الانتهاء من قرأتها.
سوف اتوقف عن الرواية واحداثها قليلا لاتحدث عن الأديب الرائع الذى امتعنى شخصيا بما قرأت فهو كاتب مطلع ، دارس لما يتناوله ، هادئ فى سرده ، ممتع فى وصفه، صادق فى تناوله.
لم يكن حسين مقلد لأحد فى سرده فهو صاحب نظرية السهل الممتنع يكتب بالفاظ بسيطه تشبه الالفاظ الخبرية ثم يرسم بها لوحة متقنه فى الوصف دون إرهاق بدنى أو ذهنى للقارئ او المتلقى.
حسين يأتى ضمن مدرسة أدبية ربما تواجه هجوما خلال الأيام القادمة فهو يسعى جاهدا نحو إيصال ما يراه من أحداث بعيدا عن التعقيدات اللغوية وهى المدرسة التى يتواجد فيها عدد من الكتاب الشباب المصريين.
الغلاف متميز نوعا ما لكنه لا يعبر عن عمق الافكار فالمصمم اكتفى بقراءة العشر صفحات الأولى وبدا التصميم وهنا اقول للمصمم عليك أن تقرا هذا الابداع الذى تعد غلاف له لتخرج لوحه ابداعية رائعة، أقول أكثر من ذلك كنت أتمنى ان يتم تصميم لوحة لفنان تشكيلى تحكى هذا الابداع الذى تقرأه ليكون أول تعاون حقيقى بين الادباء والتشكيليين.
يقول الكاتب فى مقدمة الرواية"إنه الصراع الأبدي المتوارث منذ خلق البشرية بين الخير والشر، وطالب الدنيا وسائل الآخرة، والساعي للحق والداعم للباطل.
ولعل الشيطان كان يبحث دائما عن معين في الدنيا ورفيق بالنار، وعندما وجد الكثيرين من بنى آدم ينغمسون في ملذات مملكته، زاد طموحه وانتعشت آماله ، وسعى لضم فريقٍ من الصالحين إليه، فوسوس لهم بشدة الالتزام، حتى تمكن التشدد والتنطُّع منهم، ليضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
بعد الكلمة أنتقل للرواية التى تبنى شخصيات بشكل فائق الإبداع فأنت تتعرف على كل شخصية وخلفيتها وصفاتها بمنتهى البساطة لكنك لا تستطيع توقع تصرفاته ولا تستطيع وأنت تقرأ تقييم تحركاته أنت فقط تتابع بشغف ما تقرأه.
أنت أمام رواية وفكر تقرأ ثم تجلس لتناقش نفسك ومن حولك فيما قرأت ثم تعود لتقرأ صفحات آخرى منها وتجلس لتفكر مايحدث لك هو نجاح الرواية ونجاح الكاتب وهو مايتبقى داخلنا تجاه ما نمتلكه من وريقات.
لا يمكن ذكر الايجابيات دون التطرق لبعض السلبيات فالرواية بها بعض الاخطاء الناتجة من الجمع والتدقيق ويجب فى حالة اصدار الطبعات الاخرى التنقيح الكامل إضافة إلى بعض علامات الترقيم التى ارهقتنى نوعا ما،الاخراج الفنى للرواية كان يمكن أن يكون أفضل من ذلك .
ويبقى أن أقول أننى أمام رواية وكتاب فكرى معاً من أراد الاستمتاع فعلية أن يهدأ وهو يقرأ ومن يقرأ عليه أن يشجع غيره ليقرأ " قندهار".